Available in:
English
Read more
هذا المحتوى متوفر باللغة
الأردن، عمان
خسر محمود طهراوي تجارته بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في الأردن، لكن هذا لم يثبط عزيمته ولم يمنعه من التكيف والعمل حارسا في مصنع ملابس من أجل إعالة والدته وإكمال دراسته العليا.
كان طهراوي (35 عاما)، الذي يحمل شهادة العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة حلب السورية ويتمتع بمهارات رسم وتصميم، يملك متجرين صغيرين في العاصمة الأردنية، عمّان، قبل الجائحة.
“فكرت في مشروعي بعد عودتي من سوريا في عام 2011 تقريبا، ثم افتتحت اول محل لبيع مواد تجميل، ونجحت في توفير دخل حسن من أحوالي،” يقول طهراوي من موقع عمله الحالي في حراسة مصنع ملابس في منطقة سحاب الصناعية، حاملا أداة كشف معادن.
“قررت التوسع في عملي وبيع العطور فافتتحت محلا ثانيا، إلا ان الجائحة قضت على مشروعي بالكامل بعد عجزي عن دفع 25,000 دينار أردني (نحو 35,000 دولار أميركي أو 29,000 يورو) بدل إيجار سنوي للمحلين،” يضيف طهراوي الذي يتقاضى الآن أجرا شهريا مقداره 400 دينار أردني.
مصنع الملابس تملكه شركة من أعضاء برنامج “عمل أفضل (الأردن)“، الذي تتعاون في تنفيذه منظمة العمل الدولية ومؤسسة التمويل الدولية.
“بعد خسارة تجارتي، تقدمت للعمل في أماكن عدة، فلم أجد فرصة إلا في الحصول على وظيفتي الحالية” في أيار/مايو 2020، يبين طهراوي، الذي يقطن في إحدى ضواحي عمّان ويعيل والدته بعد وفاة أبيه.
ويقول طهراوي انه تعلم الكثير عبر تجواله ” في 40 بلدا”، ويعكف حاليا على الحصول إلكترونيا على شهادة ماجستير في العلوم السياسية من جامعة في ألمانيا.
“لم أجد مانعا في قبول عملي الحالي لأني تعلمت من سفري في العالم ألا اعاند الحياة، وان اتكيف مع كل الظروف، مستغلا كل فرصة لتطوير ذاتي، حتى لو يعني هذا البدء من جديد،” يؤكد طهراوي، وهو أعزب.
حياة أفضل
في بداية العشرينات من عمره، عمل طهراوي في شركة محلية لمضاربة الأسهم بعد حصوله في عام 2004 على دبلوم نظم معلومات ادارية من الكلية العربية في عمّان.
“سافرت بعد ذلك للعمل في شركة بريطانية في نفس المجال. تعلمت اللغة الإنجليزية، وكان دخلي الشهري لا يقل عن 5 الاف دولار أميركي،” يروي طهراوي.
“أدت الأزمة المالية العالمية في 2008 الى اغلاق الشركة البريطانية، فاستعنت بمهاراتي في الرسم والتصميم لأعمل في شركة أخرى تصمم أثاثا فاخرا، لكني لم أستمر في العمل بسبب هذه الأزمة”.
في بداية جائحة كوفيد-19 في الأردن وتعثر تجارته، حاول طهراوي الاستفادة مرة أخرى من مهاراته في الرسم لتدر عليه دخلا يساعده في تأمين متطلبات الحياة، لكنه لم يكن كافيا.
“المواد المستخدمة في الرسم مكلفة، والجهد المبذول لإنهاء لوحة كاملة قد يستغرق 3 أشهر، وأكبر مبلغ دفع لي كان 100 دينار أردني للوحة. لم أشعر بتقدير حقيقي لعملي الفني، فتوقفت عن العمل في هذا المشروع.”
لكن شغف طهراوي في الرسم لم يتوقف. في “كشك” متواضع صغير مخصص لحراس المصنع الذي يعمل فيه، يستغل طهراوي وقت استراحته في رسم صور منوعة مستخدما قلم فحم وأوراق بيضاء.
“يرسل لي البعض صورا شخصية وغيرها لأرسمها، ويدفعون مبالغ زهيدة أقبلها أحيانا وأرفضها أحيانا أخرى، لكني لا أمتنع عن تلبية طلب أحد،” يقول طهراوي، الذي يعمل 12 ساعة يومياً، بما في ذلك أربع ساعات من العمل الإضافي، من أجل تحسين دخله.
“تشمل مسؤوليات عملي تسجيل ضيوف وزوار المصنع، ومتابعة التزام داخلي المبنى بارتداء الكمامات، إضافة إلى التأكد من سلامته خارجياً وداخلياً من أي خطر.”
لا يتوقف طهراوي عن السعي إلى الأفضل بالرغم من كل تحدياته، ويعمل حالياً على نشر مؤلفات له مستنداً على خبرته الاكاديمية في العلوم السياسية.
“ألفت عددا من الأعمال الكتابية وأعمل حالياً على تطوير محتواها وايجاد وسائل لنشرها”.
“المتطلبات الحياتية اليومية أعلى من مستوى دخلي، ولهذا أبذل قصارى جهدي في تطوير نفسي من أجل الحصول على فرص أفضل أعيد من خلالها بناء حياتي من جديد وأحسن من أحوالي،” يقول طهراوي.